الجمعة، 11 يونيو 2010

(هناك أفلام لها مظهر بسيط حكواتى أوغرائبى ولكنها تتحدث فى الحقيقة عن أشياء أكثر عمقا مما يبدو على السطح . فيلم "حالة بنيامين بوتون المثيرة للفضول ) من هذه النوعية ، وأحد نقاط تفوقه فى رأيي فى جمعه بين السرد المشوق الذى يقرب من الحكايات الغرائبية والفكرة الصعبة وهى مبارزة الإنسان للزمن . المقال التالى المنشور فى روز اليوسف اليومية فى 25 من العام 2009 يحاول تفكيك هذا الفيلم وصولا الى مغزاه الأكثر عمقا .)








يا عزيزى .. كلنا هذا الرجل الغريب ( بنيامين بوتون ) !








محمود عبد الشكور








ليس هناك ما هو أكثر إمتاعا من الكتابة عن الأفلام الجيدة حيث يساعدك ذلك على استرجاع خبرة سارة ، ويجعلك تضيف الى متعة المشاهدة متعة الإكتشاف ، وكأن الفيلم الجيد لا يكشف عن أسراره دفعة واحدة ، ولكنه يزيدك حسنا كلما زدته نظرا وتحليلا ، وياسلام لو كنت أمام فيلم متعدد المستويات والزوايا مثل الفيلم الأمريكى المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الراحل الشهير ( سكوت فيتزجيرالد ) عنوانها - وهو نفس عنوان الفيلم :(the curious case of benjamin button) ، أو ( حياة بنيامين بوتون المثيرة للفضول)، وقد اختصر موزعو الفيلم الحكاية فى كلمتين هما ( حياة رائعة ) ، وهو الإسم التجارى للفيلم عند عرضه فى الصالات المصرية . هناك حكاية غريبة جدا عن طفل ولد ومظهره يجعله يبدو كما لوكان شيخا فى الثمانين ، ولكنه يصغر كلما تقدم به الزمن حتى يموت وهو طفل ! ، وهناك استعراض طويل لأحداث تمتد بين عام 1918 - وهى سنة نهاية الحرب العالمية الأولى - والعام 2005 _ وهو عام إعصار كاترينا الذى ضرب مدينة " نيو أورليانز " مكان أحداث الحكاية ، وهناك حكاية حب ولحظات موت ومشاعر إنسانية رقيقة وصراع لاينتهى ضد الظروف المعاكسة ، ولكن الفيلم - مع ذلك - ليس عن كل هذ الأشياء ، ولكنه عن الزمن وألعابه ، وعن الإنسان المحاصر بالساعات والأقدار ، عن الرضا والتمرد ، عن التمرد والقسمة والنصيب ، ويعنى ذلك أن الفيلم الغرائبى والبسيط والساخر فى كثير من مواقفه هوأيضا فيلم فلسفى من الوزن الثقيل يدعوك الى التأمل وسط الدهشة والمشاعر الصادقة .








كل العناصر تذوب فى هذا الفيلم الذى أعده للسينما سيناريست قدير هو " إريك روث " وأخرجه " ديفيد فينشر " صاحب الأفلام المعروفة التى تجمع بين الإبهار والدعوة للتأمل مثل فيلم ( سبعة ) وفيلم (fight club) ، وكان أفضل وأجمل مافعله الإثنان -وخاصة روث - أنهما استوعبا مغزى القصة القصيرة التى نشرها ( فيتزجيرالد ) عام 1921 ، واستطاعا مد زمن الأحداث وممارسة لعبة الزمن مع متفرج الألفية الثالثة ، فالحكاية ليست مرتبطة بزمان أو بمكان لأنها ببساطة عن الإنسان الذى تسير حياته الى الأمام أو الى الخلف مثل ( بنيامين بوتون ) ، ومع ذلك يظل أسيرا لظروفه . كل شئ يتغير بلا هوادة لأنه كما قال الفيلسوف اليونانى (هرقليطس ) : " إنك لا تنزل النهر الواحد مرتين " . كل شئ ينتهى ولا يدوم مهما كانت الحركة أماما أو خلفا ، ولكن شيئا واحدا يبقى هو الحب والمشاعر الرقيقة التى تجعل الحياة أكثر احتمالا ، ولكن علينا دائما ألا نستسلم ، وأن نحاول مجاهدة الظروف . فى لحظة واحدة فقط علينا أن نستسلم هى لحظة الموت . هذه لحظة لااختيار فيها ، ومقاومتها عبث . لقد انتهى الوقت المخصص للعبة ، وهذه هى حقائق الحياة مهما كانت غريبة أو طبيعية وعادية .








لو سألتنى عن مغزى حالة وحكاية " بنيامين بوتون " لما وجدت أفضل مما كتبه الراحل العظيم "د. طه حسين " عن مسرحية الأديب الكبير الراحل " توفيق الحكيم " ( أهل الكهف ) عندما صدرت فى عام 1933 ، فأحدثت زلزالا فنيا وفكريا لم يتوقف حتى اليوم ، لقد لخص الناقد الكبير مضمون المسرحية فى هذه الأسئلة :" ما الزمن ؟ ما البعث ؟ ما الصلة بين الإنسان والزمن ؟ ما الصلة بين الحى والأحياء ؟ بأى الملكتين يستطيع الناس أن يحيوا وأن ينتجوا فى الحياة ؟ بهذه الملكة التى نسميها القلب أم بهذه الملكة التى نسميها العقل والتى بها نفكر ونحلل ونلائم الأشياء ؟". الحقيقة أن هذه الأسئلة بحذافيرها هى التى يطرحها فيلم حياة رائعة ، بل إنك تستطيع أن تقول إن بنيامين الذى يعيش حياته بالعكس ( من الشيخوخة الى الطفولة ) يكاد يسأل نفس السؤال الذى قاله (ميشلينا )-أحد أبطال أهل الكهف - عندما صرخ فى ذهول :" ربى !! هذه المبارزة الهائلة بيننا وبين الزمن أتراها انتهت بالنصرله ؟!" . والإجابة فى المسرحية وفى الفيلم الأمريكى واحدة :نعم ، لقد انتصر الزمن بلمس الأكتاف . شئ واحد لم يقهره الزمن هو الحب سواء فى علاقة " ميشلينا " مع " بريسكا" ، أو فى علاٌقة بنيامين مع ديزى .








عقارب الساعة








مشكلة الإنسان الحقيقية إذن مع الزمن وحلمه الحقيقى أن يسيطر على عقارب الساعة ، ويعبر هذا الحلم عن نفسه فى أعمال أدبية وفنية كثيرة مثل :(آلة الزمن ) التى كتبها ( هربرت جورج ويلز ) ، بل إنك تستطيع أن تعتبر الفن والأدب عموما - وفن السينما تحديدا - ليس إلا التعبير الإنسانى عن حلم مستحيل هو إعادة تشكيل الزمن ، أو صناعة زمن خاص يعادل الزمن الحقيقى الذى يبدو كتيار النهر المستمر ، وتستطيع أن تقول إن فكرة الخلود فى العالم الآخر ليست إلا الحلم بالخلاص الأخير من الزمن الأرضى ، وهناك تنويعات كثيرة تكشف عن حلم الإنسان أن يكسب مبارزته الأبدية مع الزمن مثل فكرة التناسخ حيث تعيش الروح ولا يتغير ولا يتبدل سوى الجسد । ورغم الحلم بكسر الساعة الهائلة التى تسيطر على بداية ونهاية فيلم ( حياة رائعة ) ، إلا أن الإنسان سيكتشف دائما أن معركته خاسرة । لقد اخترع آلة تحسب الزمن ولكنه أبدا لن يستطيع السيطرة عليه । أما الإكتشاف الأخطر فهو أن الزمن هو الذى يعيشنا ॥ ولسنا نحن الذين نعيشه ، وهو المعنى الذى قاله المبدع الكبير " سيد حجاب " فى مقدمته الغنائية لمسلسل ناجح بعنوان ( اللقاء الثانى ) من بطولة محمود ياسين وبوسى ، أما البشر والكائنات فهى مجرد حروف عابرة " كُتبت لكن بماء॥على حد تعبير " جبران خليل جبران " فى أغنية (فيروز ) ألشهيرة (أعطنى الناى وغنى )। اعذرنى -عزيزى القارئ -هذه المرة ، فإنما أردت أن تذهب لمشاهدة فيلم (حياة رائعة ) أن توسع زاوية الرؤية كثيرا لكى تستمتع وتتأمل أكثر وأعمق ، ولعل أروع ما فعله صناع الفيلم أنهم احتفظوا للحالة ببعدها الخيالى الغريب دون أن نفقد الإحساس طوال الوقت بأن ما نراه يمكن أن يحدث فعلا ، وسبب هذا الإحساس هو نجاح عملية الإعداد السينمائى للقصة القصيرة حيث دعمت الحكاية بالمزيد من الوقائع الحقيقية مثل ضرب الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربور، ومثل إعصار كاترينا الذى ضرب أمريكا ، ومثل وقائع الحرب العالمية الثانية ، وعندما ينتهى الفيلم برجوع الشيخ الى طفولته ستشعر بالدهشة ، وربما الذعر ، ليس فقط بسبب ما شاهدناه ، ولكن لاكتشافنا كم نحن ضعفاء أمام الزمن . صحيح أننا لا نتحول فى آخر الأمر -مثل بوتون- الى أطفال من الناحية الجسدية ، ولكننا نصبح كذلك من الناحية المجازية عندما يضعف الجسد ويخفت العقل ونحتاج الى مساعدة الآخرين ، يعنى ببساطة كلنا بنيامين بوتون فى نهايته العجيبة ، وليس المثير للفضول فقط ما فعله الزمن بهذا الرجل المتحول ، ولكن أيضا بما يفعله بنا جميعا لدرجة أنك قد لاتجد فرقا كبيرا بين بوتون وزملائه الشيوخ الحقيقيين الذين عاش معهم فى دار المسنين لا من حيث الأحلام ولا من حيث التصرفات .







لجأ إريك روث الى حيلة السرد من خلال عيون الشاهد الذى عاش ورأى بما يؤدى الى تكثيف الزمن واختزاله كما فعل فى فيلمه الشهير ( فورست جامب ) ، ولكن الحكاية فى ( حياة رائعة ) تروى من وجهتى نظر " ديزى " حبيبة " بنيامين " التى تنتظر الموت فى إحدى مستشفيات " نيو أورليانز " بولاية " لويزيانا عام 2005،ووجهة نظر "بنيامين " نفسه الذى ترك تفصيلات مذكراته لتقرأها ابنته وابنتها كارولين التى ترعى أمها فى المستشفى । لايظل السرد فى الزمن الحاضر ساكنا ، ولكنه مثل الزمن المتدفق - يتحرك طوال الوقت مع اقتراب إعصار ( كاترينا ) المدمر من المستشفى ، وضرورة إخلاء المرضى ، ومنهم ديزى التى لعبتها فى مرحلتى الشيخوخة والشباب القديرة ( كيت بلا نشيت ) ، ولكن ديزى لن تحكى لابنتها مباشرة حكاية والدها وحالته الغريبة ، ولكنه ستحكى قصة رمزية عاصرتها هى مفتاح الفيلم كله ، لقد عرفت صانع ساعات أعمى اسمه (جاتو ) أخذوا ابنه وأرسلوه للحرب العالمية الأولى فمات ، ولذلك صمم على أن يصنع ساعة عملاقة توضع فى محطة القطار ، ولكنه جعل عقارب الساعة تدور للخلف تعبيرا عن حلمه بأن الحرب لم تقع ، وابنه لم يمت ، وعندما جاء الرئيس الأمريكى ( تيدى روزفلت ) لافتتاح المحطة ، أذهلته الساعة وكلمات الأب المكلوم ، فأحنى رأسه لأنه لم يجد تعليقا .







ولأن صناع الفيلم يعرفون أن فيلمهم يجسد حلم الإنسان بالسيطرة على الزمن فإنهم يحققون ذلك بصريا عندما نشاهد الشريط وقد عاد الى الخلف ، وعاد الإبن الى أسرته ، وهذه القصة الرمزية تجسد مضمون الفيلم بأكمله لأنها تقول إن الإنسان عاجز أمام الزمن وأمام القدر ، وكل ما يستطيعه هو أن يصنع ساعة تعمل بالعكس ، لأنه لا يستطيع أن يصنع زمنا يسير بالعكس ، ولكن خالق الزمن سيبعث معجزة أخرى تؤكد أنه وحده المسيطر على الزمن । سيخلق طفلا تسير حياته بالعكس حيث سيولد شيخا ثم سيصبح شابا ليموت طفلا رضيعا । بوتون مثل ميشيلينا وأصدقائه من أهل الكهف سيتلاعب به الزمن ।مشكلة أهل الكهف أنهم ناموا أكثر من 300عام ثم استيقظوا ليجدوا أنفسهم فى المستقبل ، ومشكلة بوتون أنه سيفقد ماضيه بأكمله عندما يعود الى طفولته فى أيامه الأخيرة । الإثنان ميشلينا وبوتون لن يعيشا إلا بالحب لأنه الشئ الوحيد الذى لا يغيره ولا يقهره الزمن .







العقل والقلب
بمنطق العقل كان يجب ألا يعيش هذا المسخ المشوه الذى ولد لأب شديد الثراء هو توماس بوتون الذي سنعرف فيما بعد أنه صاحب أكبر مصنع للأزرار فى أمريكا । لقد اعتقد عندما شاهد طفله الوليد بملامح شيخ عجوز أنه أنجب مسخا لا يحتمل ، ولذلك بعد وفاة الأم الى مدخل دار نولون للمسنين ، ولكن بمنطق القلب سيعيش بنيامين عندما تجده خادمة السوداء مس كوينى । ستعطف عليه وتكرس نفسها لرعايته كابن لم تنجبه يضاف الى آخرين ترعاهم فى سن الشيخوخة ।القلب وحده سيستوعب هذه اللعبة الزمنية العجيبة تماما كما حدث مع ميشلينا الذى دخل الكهف وهو يحب فتاة اسمها بريسكا هى ابنة الحاكم الرومانى دقلديانوس مضطهد المسحيين ،وعاد اليه ومعه فتاة أخرى على اسم حبيبيته القديمة (هى فى الواقع حفيدتها ) فضلت أن تدفن معه حتى النهاية .







حب المربية السوداء ، وصديقها مستر ويزرز ، وحب عجائز الدار الذين لا يطلبون الكثير ، كل ذلك سيجعل الطفل العجوز يسير على قدمين بمساعدة عكاز ، وسيشارك قس المدينة فى المعجزة رغم أنه لم يعرف أبدا أن هذا العجوز ، ليس إلا طفل صغير ।سيتعلم بنيامين الذى لعبه فى معظم أطوار حياته شيخا وشابا (براد بيت ) - القراءة والكتابة ، وستتغير حياته بظهور ديزى الطفلة التى تزور جدتها فى دار المسنين ، إنها تصغره بست سنوات ، ولكنه يعيش معها حياته كطففل ।يستمع معها للحكايات ، ويأخذها الى الصندل الضخم الذى عمل فيه ليطوف العالم ، ويكتب لها من كل مكان يذهب إليه .







الحب أيضا هو الذى سيساند بنيامين عندما يصادق قائد الصندل السكير (مايك كلارك ) । سيعرف معه النساء للمرة الأولى ، وسيسمع معه حكايات عن حلمه الدائم بأن يكون فنانا ، ولذلك حول جسده الى لوحات بالوشم ، وسيحكى مايك للبحارة قصة أخرى رمزية عن طائر الطنان الذى لا تتوقف أجنحته عن الحركة حتى يموت ।انها حركة تشبه علامة اللانهاية فى الرياضيات ، وكأن الطائر يعبر عن الإنسان الذى لا يهدأ حتى يتوقف الزمن بالنسبة له بالموت ، وعندما يموت مايك بالفعل لمشاركة الصندل فى الحرب العالمية الثانية بعد تدمير الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربور ، يكون هذا البحار السكير قد ترك ل بنيامين أحد مفاتيح التعامل مع الحياة عندما يعرف أنه يستطيع ان يقول أى شئ عن القدر وعن مسار الظروف والأحداث ، ولكن عندما يأتى الموت عليه أن يستسلم على الفور دون أى اعتراض .



سيعرف بنييامين - وهو يتخلص تدريجيا من مظاهر الشيخوخة - حب امرأة بريطانية هى مسز إليزابيث زوجة رئيس البعثة التجارية فى مورمانسك فى روسيا ، السيدة أيضا تجاوزت سن الشباب ولكنها تعيش بالحب مشاعر لم تعرفها مع زوجها ، وسيبدو كذلك أنها فى معركة خاصة مع عمرها لأنها فشلت فى عبور المانش وهى شابة ، وسيظل هذا الحلم معها حتى نعرف قرب نهاية الفيلم أنها حققته فى سن الشيخوخة .
لكن الحب الأكبر الذى سيغير حياة بنيامين هو علاقته مع ديزى التى أصبحت الآن أشهر راقصة باليه فى نيويورك ، وكانت أبضا الأمريكية الوحيدة التى رقصت مع البولشوى ، ديزى لديها كذلك مشكلة مع الزمن : مهنتها عمرها قصير وهى لا تجد نفسه إلا فى هذه الحركات الرشيقة التى تبدو بالإضاءة والخلفيات الملونة كما لو كانت سباحة فى الزمن ، ولكنه ستتعرض فى باريس لحادث سيارة قدرى يكسر ساقها ويجبرها على اعتزال الرقص ، ولأن بنيامين يحبها سيقف معها حتى النهاية ، بل إنه سيحلم - وسنرى حلمه بالصورة - أن هذا الحادث لم يقع أبدا ، لن تتقبل هى مأساتها رغم أنها كانت تحدثه عن القسمة والنصيب ، ولكنها ستعوض حلمها بافتتاح مدرسة لتعليم الباليه ، وستعوضه أيضا بالعثور على الحب ، والزواج من بنيامين الذى عرفته شيخا فى طفولته ، ثم تزوجته شابا !



سيستمر اللعب مع الزمن حتى النهاية ، وكل ما يمتلكه الإنسان هو الحلم والعمل والرضا بعد اداء الواجب ، سيكتشف بنيامين وديزى أنهما يستطيعان نسيان الزمن بالحب ، ولكن عندما تحمل يعود الزمن الى إدارة اللعبة من جديد ، ليت هناك مشكلة فى حلة بنيامين الإقتصادية بعد أن اعترف به والده الثرى الراحل ، وبعد أن ورث عنه مصانع الأزرار التى انتعشت بسبب الحروب وسترات الجنود ।المشكلة أن الطفلة القادمة والتى ستحمل اسم كارولين ، ستكتشف أن والدها يصغر فى العمر ليصبح طفلا مثلها ، وستجد ديزى نفسها مضطرة لتربية الطفلة وأبيها بالمعنى الحرفى لا المجازى ، هنا لن يجد بنيامين سوى الهروب من أسرته ليواجه لعبة الزمن فى كل مكان فى العالم ، ولكنه سيعود الى ديزى شابا مراهقا ليجدها قد تزوجت من شخص آخر ، أما الإبنة فقد أصبحت مراهقة مثله ، ومرة أخرى سيهزم الحب الزمن عندما تقضى ديزى ليلة أخيرة مع بنيامين الذى ارتد مراهقا فى علاقة تذكرنا بعلاقته مع الإنجليزية المتزوجة ( إليزابيث ).





يرتد بنيامين الى الطفولة حيث يُعثر عليه فى منزل آيل للسقوط ، ومن خلال مذكراته المكتوبة وبها عنوان ديزى ستذهب إليه وقد أصبحت عجوزا ، لم يعد الطفل يتذكر شيئا ، الزمن يعلن عن نفسه بلا هوادة ، ولا يتوقف عن قهر الإنسان حت يصبح بنيامين طفلا رضيعا تحمله زوجته ديزى !





نعود الى المستشفى حيث ديزى فى لحظاتها الأخيرة تنتظر الإعصار كاترينا مع ابنتها كارولين ، الإعصار من جديد هو المعادل البصرى للزمن الكاسح المكتسح ، والإنسان بلا قوة أمامه ، كاترينا اكتسح المدن الأمريكية ، والبشر طفوا على صفحة الماء كما طفوا على صفحة الزمن ، ديزى تقول إنهم غيروا الساعة التى تسير بالعكس فى محطة القطار ، وصنعوا ساعة تسير بطريقة طبيعية ، ولكن ما قيمة ذلك إذا كانت الساعة ستظهر محطمة وسط مياه إعصار الزمن المكتسح فى نهاية الفيلم । احلم كيف شئت ولكن لاتنس رضا الرجل العجوز الذى تضربه الصواعق فى كل مكان ، ولا تنس أن تستسلم عند الموت لأننا مجرد ( حروف كتبت لكن بماء ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق