الاثنين، 3 مايو 2010

(نشر هذا المقال لى فى جريدة ( روز اليوسف ) اليومية بتاريخ الأحد 7 فبراير 2010 . إنه اجتهاد خاص لاختيار أفضل عشرة أفلام مصرية فى العقد الأول من القرن الحادى و العشرين ( من عام 2000 الى عام 2009 ) . آمل أن يلقى الإختيار قبولكم دون أى مصادرة على حق آخرين فى إعداد قوائمهم الخاصة مشفوعة بمبررات الإختيار)


أفضل عشرة أفلام مصرية فى عشر سنوات !

محمود عبد الشكور

عشر سنوات كاملة تمثل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين من عام 2000 الى عام 2009 قدمت السينما المصرية خلاله الكثير من الأفلام المتواضعة والرديئة ، ولكنها قدمت مجموعة من أفضل أعمالها بتوقيع حفنة من الموهوبين فى كل عناصر الفيلم.قبل ثلاث سنوات تقريباً من عام 2000 حدثت ثورة السينما أو انقلابها الذى أيده الجمهور.تغيرت الصورة والأسماء ونوعيات الأفلام ، ولكنك تستطيع القول إن السنوات العشر الماضية شهدت التقدم الى الأفضل والى المزيد من الإستقرار، وبعد سيطرة نوع واحد من الأفلام مثل الكوميديا والأكشن ، اتسعت الصورة لاستيعاب أنواع أكثر، واختتم العقد بدخول وزارة الثقافة الى حقل الإنتاج من جديد بعد سنوات طويلة من العزوف . عند محاولة اختيار أفضل عشرة أفلام خلال هذه السنوات العشر اكتشفت جوانب إيجابية كثيرة منها مثلاً سهولة الوصول لحوالى ثلاثين فيلما مصريا يمكن الإختيار والتصفية بينها ومن أنواع مختلفة ، بل وبدا أنه من السهل أن تتحدث عن خمسين فيلماً مثلاً، ويمكنك أن تختارمن داخل كل نوع من الأنواع . فى الأكشن مثلاً لديك مافيا وتيتو وعجميستا والجزيرة ، وفى التشويق لديك ملاكى اسكندرية والشبح ونقطة رجوع، وفى الكوميديا لديك فيلم ثقافى وجواز بقرار جمهورى وحسن ومرقص وعريس من جهة أمنية والسفارة فى العمارة وكدة رضا، وفى التراجيديا لديك ابراهيم الأبيض وإنت عمرى ، وفى الكوميديا الرومانسية لديك تيمور وشفيقة وحريم كريم ، وفى الكوميديا الموسيقية لدينا تجربة فريدة لم تأخذ حقهافى الإشادة هى "مفيش غير كدة "، وفى الدراما الإجتماعية لديك أسرارالبنات وخلطة فوزية، وفى الدراما النفسية عندك التوربينى و45 يوم وميكانو . بل إن الساحة اتسعت لأفلام عن شخصيات معروفة راحلة مثل أيام السادات وحليم ، وأعمال ليوسف شاهين مثل " هى فوضى " و"اسكندرية ..نيويورك" ، وتجارب خاصة جداً رغم الملاحظات الفنية مثل أفلام محمد أبوسيف كالنعامة والطاووس وخالى من الكوليسترول وخللى الدماغ صاحى ، وأفلام الوجوه الجديدة الشابة مثل " أوقات فراغ " و"الماجيك "، والأفلام التى تحولت من الديجيتال الى 35 مللى ، والتى بدأت بفيلم " المدينة " وصولاً الى " ليلة فى القمر "و"بصرة " وعين شمس ، ولدينا أيضا الأفلام ذات الأبعاد السياسية كما فى دم الغزال ومعالى الوزير . والعجيب أن نجمة منعصر ما قبل انقلاب السينما مثل نادية الجندى قدمت أروع أدوارها على الإطلاق فى فيلم "الرغبة "(2002 ) للمخرج على بدرخان .

اخترتُ مبدئياً ثلاثين فيلما عرضت من عام 2000 الى عام 2009 ، ثم تمت التصفية الى عشرة أفلام فقط اعتبرتها الأفضل لأنها الأكثر تكاملاً فى عناصرها ، ولأن بها سمات الإبتكار والإختلاف ، ولأنها منحت فرصاً أكبر لكى تظهر بصمة مخرجيها ، ولأن كل فيلم يشكل نقطة مهمة فى مسيرة الأفلام المصرية لدرجة أنها يمكن أن توضع باطمئنان فى قائمة الأفضل على مدار تاريخ هذه السينما الرائدة. وفيما يلى أفضل عشرة أفلام فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين وفقاً للتصفية والمعايير السابقة ، والرقم المكتوب بين قوسين بجوار كل فيلم هو سنة العرض وليس سنة الإنتاج .

(1) بحب السيما "2004 "



أحد أفضل أفلام السينما المصرية عموما ببنائه المتماسك وبعمق أفكاره وبجرأته فى المعالجة ، ومن الأفلام النادرة التى تناولت الشخصية المسيحية ولكن المعبى الأهم هو تمجيد قيمة الحرية وإدانة إساءة استغلال السلطة ألأبوىة على كل المستويات الدينية والسياسية والعائلية . الفيلم يطرح الحرية بديلا عن القهر ، والحب بديلا عن الخوف ، ويربط الإثنين بحب السينما.. أداء متفوق من كل الممثلين .

(2)أرض الخوف "2000 "

أحد أهم وأنضج أفلام داود عبد السيد إخراجا وتأليفا . وأفضل أفلام الراحل احمد زكى على الإطلاق فى رايى كمشخصاتى فريد ..لماذا؟ لأن دور ضابط الشرطة الذى يتحول الى تاجر مخدرات يعتمد تماما على الإنفعالات الداخلية المركبة ، وقد عبر عنها المشخصاتى الفذ باقتدار مدهش . الفيلم يذكرك بلأدب الوجودى حيث افنسان وحيد وخاضع للإختبار وللإختيار بلا هوادة ، والأجمل أن المستوى المباشر وهو الصراع فى عالم المخدرات مشوق وجيد الصنع . الصورة وشرط الصوت يستكملان دائرة الثراء والإبداع .

(3)جنينة الأسماك "2008 "

قطعة أصيلة بتوقيع يسرى نصرالله عن الخوف الذى يأكل الروح ويشل الجسد ويحول البشر الى كائنات ضعيفة تعيش فى جزر منفصلة . بمعاونة ناصر عبد الرحمن جاء السرد بعيدا عن التقليدية ويزيد التفرج احساسا بالإغتراب وعدم الإرتياح . يلعب الظلام دورا أساسيا فى هذا الفيلم بما يجعل الشخصيات سجينة إطارات سوداء مزعجة . ترتدى الموهوبة هند صبرى قناعا محايدا طوال الأحداث فى حين تظهر سماح أنور فى لقطات قصيرة ومؤثرة لا تنسى مثل المخضرم جميل راتب .

(4) فى شقة مصر الجديدة "2007 "

طوفان متدفق من الرومانسية الرقيقة بتوقيع أحد فرسان الواقعية الجديدة محمد خان . سيناريو محكم من وسام سليمان ونهاية لا مثيل لها توحى ببداية ومولد حب جديد بين شخصيتين مختلفتين تماما . السحر والمعجزة هما الحب وليس العفاريت الوهمية داخل الشقة . الحب يستحق التجربة ومعاناة الإنتظار ، وأغنية ليلى مراد التى ترافق البطلة واقعية جدا وليست خيالية . رومانسية بدون كلمة أحبك وأداء مذهل من غادة عادل ،ودورنجوى الذى قامت به من أفضل الشخصيات الدرامية كتابة وتشخيصا وتأثيرا .
(5) سهر الليالى "2003 "
ليس لأنه الفيلم الذى كسر احتكار الأفلام الكوميدية والأكشن ، ولكن لأن تامر حبيب أعاد غحياء عالم احسان عبد القدوس بمزيج فريد من الرومانسية والواقعية . الحكايات ولغة الحوار تنيض بروح الواقع ، ولكن غلافا واضحا من الرومانسية يغلف السرد بأكمله . فى مشهد النهاية وحيث يرقص الجميع وتبدو الحفلة واغنية فيروز تعبيرا مناسبا لنهاية فيلم رومانسى ولكن إشارات استمرار لعبةالحب والزواج ومشاكله ،والقفزة فى الهواء للعريس الجديد، كل ذلك يعيدنا الى الواقع حيث لا نهاية لهذه المغامرة الخطرة .من النادر أن يصل مستوى التشخيص الى هذا المستوى الرفيع فى أىّ فيلم مصرى أوعربى .
(6)واحد-صفر "2009 "
لوحة ضخمة للمجتمع المصرى من خلال نماذج مختلفة اقتصاديا واجتماعيا ويجمع بينها معاناتها من هموم فردية لا تجد وسيلة للهروب إلا بالفرحة بعد فوز المنتخب الكروى فى مباراة حاسمة . هناك أيضا أسئلة أكثر عمقا مثل : لماذا يكسب الوطن ويشعر أفراده بالهزيمة على المستوى الشخصى ؟ وهل يمكن لمباراة فزنا بها أن تغسل هموما بعدد البشر ؟رغم استخدام السرد عبر الخطوط المتوازية التى تتجمع فى بؤرة أخيرة من خلال سيناريو مريم نعوم ، إلا أن المخرجة كاملة أبو ذكرى نجحت فى السيطرة على كل عناصر الفيلم ، وقدمت أبطاها بدرجة عالية من التعاطف ، كما أتاحت لممثليها تقديم أدوار لا تنسى .
(7) حين ميسرة "2007 "
اعتبرتُ هذا الفيلم بمثابة العودة القوية لتيار الواقعية الجديدة عندما عرض بنجاح استثنائى فى عيد الأضحى رغم أجوائه القاتمة . ما زال الفيلم من أنجح تجارب مخرجه خالد يوسف ، وكان أفضل ما فعله كاتب السيناريو ناصر عبد الرحمن أنه جعل الشخصيات خارج الزمن . السنوات لاقيمةلها ، والجيل الأحدث ينجب فى الشارع وليس فى عشة من الصفيح ثم يدافع عن نفسه فوق قطار يسير بسرعة الصاروخ . مشهد النهاية من أفضل فينالات الأفلام المصرية طوال تاريخها .
(8) الجزيرة "2007"
الميزة الأساسية فى هذا العمل الذى يستوحى أحداثا واقعية فى جمعه بين الشكل المعاصر وعناصر كلاسيكية تماما فى الدراما الإغريقية حيث يبدو الطل محكوما عليه بقدر لا فكاك منه . رغم طول الفيلم ووجود فلاشات الى الماضى ورغم التحول فى الشخصيات لم يفلت الإيقاع مرة واحدة من الحرفى البارع شريف عرفة . هناك استفادة بالتأكيد من السينما الأمريكية ولكن كل شئ مصرى تمامامع جرأة واضحة فى كشف العلاقة بين رجال الأمن والمجرمين ، ثم إن كل شخصية تعرض منطقها بدون تعاطف أو إدانة .
(9)عمارة يعقوبيان "2006 "
أفضل أفلام تعرية الفساد منذ فيلم سعيد مرزوق الأشهر المذنبون . شخصيات الفيلم تمارس لعبة الصعود الى أسفل إجتماعيا وأخلاقيا وأقتصاديا . ربما اقتضت الضرورة التجارية العناية أكثر بدورى عادل إمام ونور الشريف ، ولكن الشخصيات الأخرى لم تكن باهتة . مفاجأة الفيلم الكبرى فى أداء خالد الصاوى الذى انطلق بعد دور الصحفى الشاذ الى أدوار كبيرة ومؤثرة . المفاجأة أيضا فى مستوى مروان حامد الناضج فى تجربته الأولى كمخرج .
(10) الأبواب المغلقة "2001 "
أحد أقسى أفلام الواقعية الجديدة .عمل مؤلم يوجع القلب عن جيل مكبوت على كل المستويات ،والأخطر أن الكبت يولد مزيدا من الكبت ثم يتحول الى انفجار . سوسن بدر فى دور مؤثر وعلاقتها المعقدة بالإبن لاتخلو من التفسير النفسى . أما الدقات على الباب المغلق بعد طعن الأم فتحمل مضمونا رمزيا بأن الخطر ينبئ بكارثة . ما الذى يمكن أن يأتى بعد الطرق العنيف سوى كسر الباب نفسه ؟

هناك تعليق واحد:

  1. اتشرف على الاشاده بهذه المقاله ولو ان المقال في 2009 واحنى في 2013 ولاكن عندي سؤال ماريك في فيلم هي فوضى عجبتني جدا قصة الفيلم

    ردحذف