الجمعة، 14 مايو 2010

( تكاثرت القنوات الفضائية التى تعرض الأفلام المصرية القديمة والحديثة ولكن شيئا لم يتغير . فما زالت تلك القنوات ترفع شعار الإختيار العشوائى ، ومازالت ترفع شعار عرض الأفلام بالعند فى الآخرين . كل قناة تغيظ الأخرى وتقول لها أفلامك عندنا على طريقة العبارة الشعبية المعروفة " طبقنا وطبقكم دخلوا الفرن .." والأسوأ أن تلك القنوات اصبحت الباب الخلفى لتجميع أفلام المقاولات القديمة والحديثة وكثير منها لم ولن يعرض فى الصالات مثل فيلم ( طاطا نام .. طاطا قام ) بطولة شريف نجم وإخراج كريم ضياء الدين . إذا لم تكن تصدق أن شيئا لم يتغير أعيد هنا نشر مقال لى فى جريدة ( روز اليوسف ) منذ ثلاث سنوات تقريبا عن الظاهرة الفضائية فى بيع وشراء وعرض تراث السينما المصرية . )0
القروى الذى وجد كنزاً فى قنوات الأفلام !
محمود عبد الشكور
تبدو قنوات الأفلام التى تعرض التراث السينمائى المصرى كمن عثر على كنز ثمين ولكنه لا يعرف - على وجه التحديد - لماذا هو ثمين ، ولا يدرك كذلك كيف يستثمره ، وكيف يعرضه على الآخرين ولو حتى من باب التفاخر، ثم إنه ينتهى بعد التفكير والحيرة الى أن يضع كل ما يمتلك أمامك لتشاهد " أبو قرش مع " أبو قرشين "، وكأنك أمام قروى ساذج حصل على ملابس متعددة الألوان والأشكال والموضات ومن عصور مختلفة فارتداها جميعا ، ومشى يختال عجبا مثل " تركى معمم " على رأى خالد الذكر " صلاح عبد الصبور"! خذ عندك أولا أسلوب الدعاية لعرض الأفلام الذى يتم على طريقة " قرب ..قرب " و " اللى ما يشترى يتفرج "، ثم هذه الأخطاء الفاحشة فى عرض المعلومات : فهذا الفيلم منع من الغرض مع أن أحداً لم يقترب منه ، وهذا الفيلم أحدث ضجة حال مشاهدته مع أنه مر مرور الكرام ولم يشاهده سوى العشرات ، ولنفترض أن الفيلم أثار جدلاً بين الجمهور والنقاد مثل فيلم ( باحب السيما ) أو فيلم ( البرئ) الذى تعرض لرقابة صارمة ، فإن القائمين بالدعاية لعرض الأفلام لا يشرحون شيئا لا إجمالاً ولا تفصيلا ً.قد يقال لك أحياناً هذا فيلم نادر مع أنك لن تعرف أبدا لماذا هو كذلك ، ومع أنك تكون شاهدته عشرات المرات على شاشة القناة الأولى باتليفزيون المصرى خلال السبعينات من القرن العشرين . وقد تسمع كلاماً عن أفلام مصرية مقتبسة من روائع - نعم روائع - الأدب الفرنسى أو الأمريكى أو الإنجليزى مع أن تلك الأفلام مقتبسة من روايات تافهة وشعبية ، ولا علاقة لها بالروائع من قريب أو من بعيد ، وقد تشاهد نسخا للأفلام لا يمكن أن تصلح أبدا للعرض- صوتاً وصورة -دون أن يكتب تنويه يعتذر للمشاهد عن رداءة ما يراه ويسمعه، وكأنه يكفى أن يشاهد فيلما مصريا فيه نجمل يعق يعرفه لكى يشكر الظروف .. والفضائيات !
هل يعقل مثلا ألا يكون هناك برنامج متخصص يشرح للمشاهد المهتم أو " عابر السبيل "لماذا يبدو هذا الفيلم رائعا ولماذا يبدو هذا الفيلم أقل إتقاناً؟ على إحدى تلك القنوات كان هناك برنامج يتيم يقدمه المخرج " أحمد يحيى " بعنون ( ماستر سين )سرعان ما اختفى رغم محاولته أو ربما بسبب تقديم أشياء أكثر من عرض الفيلم .
وسؤال آخر : لماذا لا يستغل الشريط أسفل الشاشة لتقديم معلومات عن الفيلم المعروض ، وكلها معلومات متاحة ويمكن العثور عليها بقليل من الجهد ؟ وما هو المانع أن تقدم ندوة لتحليل بعض الأفلام الإستثنائية فى تاريخ السينما المصرية ؟ ولتكن البداية مع أفضل عشرة أفلام روائية اختارها النقاد فى أى قائمة معروفة.
تبقى الإشارة الى أمرين أراهما الأكثر خطورة فيما يتعلق بقنوات الأفلام : الأول يتعلق بشراء وعرض مجموعة من أفلام المقاولات سيئة السمعة التى لم تعرض فى الصالات ، والتى لم يشاهدها أحد مما يعنى أن المسألة ترتبط بالكم وليس بالكيف ، والأمر الثانى هو دخول هذه القنوات ميدان الإنتاج السينمائى ببدايات غير مبشرة على الإطلاق مما يؤكد أننا سنردد عما قريب : " اللهم احمنا مما ينتجونه ..أما الأفلام التى يعرضونها فنحن كفيلون بها !".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق